مرحبا والسلام عليكم .
في تلك الأيام , عندما كانت أناملي تكتب بعض الكلمات , أو تتمرن على خط جميل . فكل أصدقائي أنذاك لديهم خط جميل . و كثيرا ما يمدحهم الأستاذ أو تعجب بهم الأستاذة , وكثيرا ما أغبطهم على ذلك .
لدى كان عزمي على أن تتحول كتابتي من الأسوء إلى السئ , ومن السئ إلى الجيد , قضيت اليوم كله , وأنا أملأ الورقة بأنواع الخطوط و الكثير من الحروف . وكنت أقترض بعض الدفاتر والأفكار ممن هم في السنة التاسعة أنذاك . فأنا لا زلت طريا في هذا العالم . ولا زالت قدماي لم تتركا لهما أثارا تحتدى بها .
لم يكن أمامي أي هدف غير ذلك . بقيت هناك حتى طردني الحارس , ولم يرضيني ما تعلمته , فبيقيت عامين أنمي قدارتي الخطية . ولكن عندما إنتقلت إلى المدينة , وعيت أن الأمر أكبر من ذلك . وأن إعجاب الأساتذة بخطنا و كون أكثر الخطوط نظارة , هو أنجبها سلوكا , لم يعد المعيار المتبع هنا .
وصلت إلى هذا المكان المقفر لم أكن أعرف أي شئ في لهجتهم أو حتى لغتهم , فأنا كنت أظن أن الكل في البلاد يتحدث أمازيغيتي . حتى أنني لم أكن أعرف أن هناك لهجات أخرى في لغتي . غير الريفية أو مانسميها بعض الأحيان بالزيانية , تلك التي تأتي نسماتها مع بعض الأغاني التي تبثها إحدى قنوات الراديو المفضلة لدى أمي . عندما تغسل ملابسي المتسخة بأوحال دوارنا .
لم يكن هناك من يضحك . أو يستهزء بي . فلم ألتقي أحدا بتلك الملابس , ربما أو أنني لا أذكر .
عندما أتيت إلى هنا حيث يتوقف الزمن أحيانا . أخدوا يستهزؤن بي ليس لشخصيتي , لكن للغتي "بوجادي بمعنى الكلمة " في تصرفاتي البدوية و كلماتي الدارجة المشنوقة بلهجة جبلية . سرعان ما تنتهي بمعارك . لا يفهم طرفاها ما يقال بدون ترجمة .
حاولت أن أسامح مرارا وتكرارا . بدون أي معنى . ففكرت في أنه لن يصلح لمثل هذا الوضع إلا أن أتعلم أسلوب الكلام في هذه القطعة المنبودة .
تعلمت الكلام وطريقة اللباس . كما تخلصت من عاداتي القروية و لبست لباس المدنية المصطنعة . وعشت أخيرا وحيدا بدون هوية .
ولكن الخط وما تعلمته من لغة عربية , وتلك الساعات التي كنا نتنافس فيها أنا و بعض أصحابي فيمن يقرأ أكثر الكتب . خاصة ذات الأغلفة السميكة . و من يكتب فكرا بخطه الجميل . يحصل على تقدير المجموعة . ذلك نفعني في الأخير .
رغم ذلك فأن أحصل على ناقص سبع نقاط . في تعبير اللغة العربية "إمتحان الإنشاء" درس كتابة قصة قصيرة . كان الأمر معقدا لأن الأستاذ الكريم كان يشم الأسلوب في صفحات الإمتحان فيعرف أسلوب زيد من أسلوب عمر .
فما كان منه إلا أن أخبرني أن لو عاودت الكرة وكتبت إنشائية لأحدهم فأنه سيحيلني على المجلس التأديبي . أو يستدعي أحد أولياء أمور لم يكن الأمر سيئا و لكن أن تستدعي الإدارة أبي فإن الأمر يستدعي حالة طوارئ في البيت . وإعادة صكوك الطاعة و الإمضاء عليها من جديد . لم يكن سيئا و لكنه لن يكون جيدا إن وصل الخبر إلى مسمعه . فأجبت الأستاذ بالقبول .
وكان جوابي أنني لم أكتب لأحد وأن قصتي القصيرة هي التي كتبت و أنها أخدت مني وقتا من الحصة و أن النقاط التي طرحها من معدلي فإني . أحتاجها . مع كل هدا الإحتجاج إلا أنني أقر بفعلتي في قرارة نفسي.
لم أستطع أن أفسر لليوم لما كتبت أربعة عشر قصة في ساعتين , هل كنت أريد أن أثبت أن عربيتي أحسن من لهجتهم الممزوجة بحروف فرنسية . أم أنني فقط أحببت أن أجرب الأمر . فقد كان الموضوع مشوقا و كتابة ذلك الكم من القصص الصغيرة رائعا .
إندهش كل من في الفصل . إن كان من الصعب على أي شخص أن يفعل ما فعلت , أما أنا فاندهشت عندما قال لي بأنه لو إنني كتبت قصتين أو ثلاث لسامحني . "أن تكتب لنصف الفصل فهذا ما لا يقبله العقل . إلا إن أسلوبك رائع ومشوق "
وعندما خرجت من الحصة . كانت منتشيا إلى أبعد الحدود . كنت فرحا . لأنني علمتهم أن البدوي الذي كانوا يستهزؤن به دائما قد تفوق عليهم في لغتهم التي يفخرون بها . بالإضافة إلى أنني الوحيد في تلك المجموعة الذي حصل على المعدل رغم أنه طرح منه سبع نقاط .
أخفيت فرحتي . وأحتفلت في الطريق وحدي .
للملاحظة , لم أعد ذلك البدوي الذي كنت و لم أتشرب من دماء المدنية المزيفة . ورغم ذلك ما زال في دخلي شئ من كل شئ .
وما زالت أفكاري تناقض نفسها . كلما أتحت لها فرصة لذلك .
وأتمنى لك أن تسمتع بالحكاية . حكاية إنتقال بسيطة من فكرة الخط إلى فكرة التحدي باللغة المشبعة بعنصرية المكان و إستهزاء الزمان . المسحوبة بأفكار النكات الملقات في مدخل كل حي و زاوية كل بيت . إنها أفكار ذلك البدوي البخيل الأتي فوق شاحنة تستعمل لنقل البعير , ليبيع الزيت و الزيتون و مما جاد به شجر الأركان في أسواق مدينتكم المقدسة . مدينة الموتى . حيث يأخذ ما يجود به متدوق , أو متشوق للحياة السابقة . فيعود إلى حياته . و قد أخد لأبناءه بعض سعادة المدينة المزيفة .
في تلك الأيام , عندما كانت أناملي تكتب بعض الكلمات , أو تتمرن على خط جميل . فكل أصدقائي أنذاك لديهم خط جميل . و كثيرا ما يمدحهم الأستاذ أو تعجب بهم الأستاذة , وكثيرا ما أغبطهم على ذلك .
لدى كان عزمي على أن تتحول كتابتي من الأسوء إلى السئ , ومن السئ إلى الجيد , قضيت اليوم كله , وأنا أملأ الورقة بأنواع الخطوط و الكثير من الحروف . وكنت أقترض بعض الدفاتر والأفكار ممن هم في السنة التاسعة أنذاك . فأنا لا زلت طريا في هذا العالم . ولا زالت قدماي لم تتركا لهما أثارا تحتدى بها .
لم يكن أمامي أي هدف غير ذلك . بقيت هناك حتى طردني الحارس , ولم يرضيني ما تعلمته , فبيقيت عامين أنمي قدارتي الخطية . ولكن عندما إنتقلت إلى المدينة , وعيت أن الأمر أكبر من ذلك . وأن إعجاب الأساتذة بخطنا و كون أكثر الخطوط نظارة , هو أنجبها سلوكا , لم يعد المعيار المتبع هنا .
وصلت إلى هذا المكان المقفر لم أكن أعرف أي شئ في لهجتهم أو حتى لغتهم , فأنا كنت أظن أن الكل في البلاد يتحدث أمازيغيتي . حتى أنني لم أكن أعرف أن هناك لهجات أخرى في لغتي . غير الريفية أو مانسميها بعض الأحيان بالزيانية , تلك التي تأتي نسماتها مع بعض الأغاني التي تبثها إحدى قنوات الراديو المفضلة لدى أمي . عندما تغسل ملابسي المتسخة بأوحال دوارنا .
لم يكن هناك من يضحك . أو يستهزء بي . فلم ألتقي أحدا بتلك الملابس , ربما أو أنني لا أذكر .
عندما أتيت إلى هنا حيث يتوقف الزمن أحيانا . أخدوا يستهزؤن بي ليس لشخصيتي , لكن للغتي "بوجادي بمعنى الكلمة " في تصرفاتي البدوية و كلماتي الدارجة المشنوقة بلهجة جبلية . سرعان ما تنتهي بمعارك . لا يفهم طرفاها ما يقال بدون ترجمة .
حاولت أن أسامح مرارا وتكرارا . بدون أي معنى . ففكرت في أنه لن يصلح لمثل هذا الوضع إلا أن أتعلم أسلوب الكلام في هذه القطعة المنبودة .
تعلمت الكلام وطريقة اللباس . كما تخلصت من عاداتي القروية و لبست لباس المدنية المصطنعة . وعشت أخيرا وحيدا بدون هوية .
ولكن الخط وما تعلمته من لغة عربية , وتلك الساعات التي كنا نتنافس فيها أنا و بعض أصحابي فيمن يقرأ أكثر الكتب . خاصة ذات الأغلفة السميكة . و من يكتب فكرا بخطه الجميل . يحصل على تقدير المجموعة . ذلك نفعني في الأخير .
رغم ذلك فأن أحصل على ناقص سبع نقاط . في تعبير اللغة العربية "إمتحان الإنشاء" درس كتابة قصة قصيرة . كان الأمر معقدا لأن الأستاذ الكريم كان يشم الأسلوب في صفحات الإمتحان فيعرف أسلوب زيد من أسلوب عمر .
فما كان منه إلا أن أخبرني أن لو عاودت الكرة وكتبت إنشائية لأحدهم فأنه سيحيلني على المجلس التأديبي . أو يستدعي أحد أولياء أمور لم يكن الأمر سيئا و لكن أن تستدعي الإدارة أبي فإن الأمر يستدعي حالة طوارئ في البيت . وإعادة صكوك الطاعة و الإمضاء عليها من جديد . لم يكن سيئا و لكنه لن يكون جيدا إن وصل الخبر إلى مسمعه . فأجبت الأستاذ بالقبول .
وكان جوابي أنني لم أكتب لأحد وأن قصتي القصيرة هي التي كتبت و أنها أخدت مني وقتا من الحصة و أن النقاط التي طرحها من معدلي فإني . أحتاجها . مع كل هدا الإحتجاج إلا أنني أقر بفعلتي في قرارة نفسي.
لم أستطع أن أفسر لليوم لما كتبت أربعة عشر قصة في ساعتين , هل كنت أريد أن أثبت أن عربيتي أحسن من لهجتهم الممزوجة بحروف فرنسية . أم أنني فقط أحببت أن أجرب الأمر . فقد كان الموضوع مشوقا و كتابة ذلك الكم من القصص الصغيرة رائعا .
إندهش كل من في الفصل . إن كان من الصعب على أي شخص أن يفعل ما فعلت , أما أنا فاندهشت عندما قال لي بأنه لو إنني كتبت قصتين أو ثلاث لسامحني . "أن تكتب لنصف الفصل فهذا ما لا يقبله العقل . إلا إن أسلوبك رائع ومشوق "
وعندما خرجت من الحصة . كانت منتشيا إلى أبعد الحدود . كنت فرحا . لأنني علمتهم أن البدوي الذي كانوا يستهزؤن به دائما قد تفوق عليهم في لغتهم التي يفخرون بها . بالإضافة إلى أنني الوحيد في تلك المجموعة الذي حصل على المعدل رغم أنه طرح منه سبع نقاط .
أخفيت فرحتي . وأحتفلت في الطريق وحدي .
للملاحظة , لم أعد ذلك البدوي الذي كنت و لم أتشرب من دماء المدنية المزيفة . ورغم ذلك ما زال في دخلي شئ من كل شئ .
وما زالت أفكاري تناقض نفسها . كلما أتحت لها فرصة لذلك .
وأتمنى لك أن تسمتع بالحكاية . حكاية إنتقال بسيطة من فكرة الخط إلى فكرة التحدي باللغة المشبعة بعنصرية المكان و إستهزاء الزمان . المسحوبة بأفكار النكات الملقات في مدخل كل حي و زاوية كل بيت . إنها أفكار ذلك البدوي البخيل الأتي فوق شاحنة تستعمل لنقل البعير , ليبيع الزيت و الزيتون و مما جاد به شجر الأركان في أسواق مدينتكم المقدسة . مدينة الموتى . حيث يأخذ ما يجود به متدوق , أو متشوق للحياة السابقة . فيعود إلى حياته . و قد أخد لأبناءه بعض سعادة المدينة المزيفة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق